خطبة قصيرة عن التوبة

سوف يتضمن مقالنا اليوم شرح مفصل حول خطبة قصيرة عن التوبة، شاملاً جوانب الموضوع وموضحة بشيء من التفصيل، مع الأدلة الكاملة من السنة النبوية والقرآن الكريم.

وذلك حتى يكون الخطيب قادرًا على الإلمام بالموضوع بكافة جوانبه والأحكام التي وردت فيها مستنبطًا ذلك من مصادر التشريع.

مقدمة خطبة قصيرة عن التوبة

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، عباد الله أن خيركم عند الله وأقربكم هم الخطائين كثيري الاستغفار والعودة إلى الله عز وجل من جديد.

وذلك لما ورد عن الرسول صلى الله علية وسلم في حديثه” لو لم استغفروا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يستغفرون فيغفر الله لهم”.

نستنبط من هذا الحديث أن المعاصي لا تحجبكم من الرجوع إلى ربنا من جديد.

بل هي من موجبات التوبة، سبب في كثرة الاستغفار فلعل ذنب قربك من الله عز وجل أفضل من حسنه تفاخرت بها وذهب ثوابها، لذا حديثنا اليوم عن التوبة والرجوع إلى الله عز وجل.

شاهد من هنا: خطبة قصيرة عن التقوى

خطبة قصيرة عن التوبة (تعريف مصطلح التوبة)

في البداية دعونا نتعرف على معنى التوبة؛ فيطلق هذا المصطلح على مطلق الندم.

أما تعريف التوبة بالمعنى المقصود، فهي الندم عن فعل الذنوب والعودة إلى الله عز وجل من جديد والعزم على ألا يعود للمعاصي لممارسة هذا الذنب مرة أخرى.

ومن خلال هذا التعريف نتطرق إلى العديد من الأمور، أولها اختص هذا التعريف بصغائر الذنوب وليست الكبائر.

حيث اختلفت توجيهات العلماء حول قبول توبة الكبائر من الذنوب.

فذهب بعضهم إلا أن التوبة مقبولة مادام الذنب لم يصل إلى حد الشرك بالله والعياذ بالله.

وذهب البعض الآخر إلى أن التوبة تقبل في أي شيء إلا الكبائر، وهذا الرأي على الأرجح أضعف الآراء.

فالله يقبل توبة العاصي ويغفر لعباده، أما أصحاب الرأي الثالث.

فذهبوا إلى أن قبول التوبة معلق على ماهية الذنب، فإذا كان الذنب يتعلق بالعباد.

فلا تقبل توبة العاصي حتى يرد مظلمة العبد، وإن لم يفعل ذلك في الدنيا يقتص الله له في الآخر.

 شروط صحة التوبة

ومن هنا نتعرف على شروط صحة التوبة، والمقصود بشرط الصحة هي تلك الشروط التي لا تصح التوبة إلا بها، وهي:

  • الندم على ارتكاب الذنب، والتذلل لله تعالى، وهي شرط وركيزة أساسية لقبول توبة العبد.
  • الشرط الثاني وهو الإقلاع عن ممارسة الذنب، فلا يصح أن تمارس الذنب و تضمر في نفسك التوبة وتقول أنا تائب، فهذا أمر غير صحيح بالمرة، ولا يصح.
  • عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى.
  • عند استفتاء هذه الشروط تصبح توبة العاصي مقبولة، بشرط أن لا يعود للممارسة الذنب مرة أخرى بعد التوبة، ففي هذه الحالة تعد توبته غير صحيح بالمرة.

يتطرق بنا الحديث في هذه النقطة إلى جانب آخر، وهو ما حكم العودة إلى المعصية مرة أخرى.

وهل تصبح توبته غير مقبولة وهي يصح له التوبة مرة أخرى وتقبل منه؟!

وجبت عليه التوبة أيضًا، ولا يستثني منها، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

” إذا أذنبت فاستغفر ربك”.

اقرأ أيضًا: خطبة قصيرة عن بر الوالدين

الحكمة من مشروعية التوبة

ولكن في البداية دعونا نتعرف على الحكمة من مشروعية التوبة، أن الله عز وجل شرع التوبة من الذنوب لعدد من الأسباب:

  • كوسيلة للتقرب إلى الله عز وجل بعد ارتكاب المعاصي والذنوب، ولا يأخذك الحديث إلا أن الاستعانة بارتكاب المعاصي والذنوب فهذا الأمر لا يجوز.
  • محو الذنوب والآثام التي ارتكبها العاصي قبل لقاء الله عز وجل.
  • التوبة هي باب النجاة الوحيد للعبد من الذنوب التي يقوم بها.
  • منزلة التائب عند الله عالية، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف” التائب من الذنب كمن لا ذنب له”.

هل يوجب على التائب كفارة؟

سوف يرتاد إلى ذهننا سؤال وهو، هل يجب على التائب من الذنب أي كفارة.

أي بما يعني أن التوبة من الذنوب يستوجب على المسلم كفارة أي كان الذنب الذي ارتكبه؟!

بمجرد خضوع العاصي لله تعالي وإعلان توبته من ارتكاب الذنوب والآثام بشرط أن تكون هذه التوبة نصوحة.

لا يقع عليه أي كفارة، حيث قال الله عز وجل” وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون”.

حيث اقترنت هذه الآية ما بين التوبة والفلاح، ففي التوبة توفيق في أمور الدنيا وفلاح في الدار الآخر.

وقال عز وجل” إنما التوبة على الله للذين يعملون السيئات ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم.

أن الله غفورا رحيما”، كما نستنتج من هذه الآية أن التوبة طالما كانت نصوح مقرونة بإخلاص وصدق من النية فهي مقبولة من الله عز وجل.

هل يقبل الله التوبة من جميع الذنوب؟!

يظل باب التوبة مفتوح ما دامت الأرض والكون كما هو، ولكن يغلق باب التوبة عند قيام الساعة.

ففي هذا الوقت لا يقبل توبة ولا أي عمل من المسلم، وكما ذكرنا في المجمل.

فإن الشرط الأساسي لصحة التوبة هو الندم عن الذنب وعدم الوقوع به وارتكابه مرة أخرى.

وتعقد صحة التوبة وذلك بإخلاص النية لله عز وجل، والنية محلها القلب، فإذا نويت بقلبك وتوكلت على الله.

تؤخذ أجر الاستغفار والتوبة، وإذا عقدت بلسانك وخالفتك نيتك للتوبة، تعاقب وتحاسب عند الله.

خطبة قصيرة عن التوبة (ما هو حكم التوبة بالنسبة العاصي)

أما عن حكم التوبة، فهي واجبة على المسلم في حال وقع في أي ذنب عمدًا أو نسيانًا.

ففي كل الحالات لزمته التوبة والعودة إلى الله عز وجل من جديد.

وأما عن حكم الذي يصر فعل الذنوب ولا يعود إلى الله تعالي أبدا.

فورد عن الأئمة والفقهاء أن الإصرار على ارتكاب الذنب بمثابة ذنب آخر أي يأخذ أجرًا مضاعفًا من السيئات والذنوب، حتى يوقن ويقر بأهمية الرجوع إلى الله عز وجل من جديد.

الأحاديث النبوية التي وردت في التوبة

وردت الكثير من النصوص داخل السنة النبوية التي تتناول التوبة بالتفصيل ومنها:

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيما يرويه عن ربِّه: “إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا – ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ – فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي.
    • ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – أوْ أصَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ؟ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ.
    • ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ – أوْ قالَ أذْنَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاء.
  • عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: “يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعَوتَني ورجَوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أُبالي.
    • يا ابنَ آدمَ لو بلغَت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي.
    • يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً.
  • روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • ((والذي نفسي بيدِهِ، لو لم تُذنِبُوا لذَهَبَ اللهُ بكم، ولَجَاءَ بقُومٍ يُذنِبون فيستغفِرون اللهَ، فيغْفِر لهم))؛

خاتمة خطبة قصيرة عن التوبة

وفي نهاية حديثنا أن الاستغفار سبب في جلب الرزق وأعانه على أمور الدنيا.

وجبال من حسنات في الآخرة وباب من أبواب التوبة، فاغتنموا هذا الكنز.

وأكثروا من قول استغفر الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهي كنز من كنوز الجنة.

شاهد أيضًا: مقدمة خطبة عن المولد النبوي

وإلى هنا نكون قد وصلنا لختام موضوعنا اليوم عن خطبة قصيرة عن التوبة، حيث تضمن شرح تفصيلي لأحكام التوبة وشروط صحتها، مع ذكر الأدلة الواردة من القرآن الكريم والسنة النبوية.

مقالات ذات صلة