تعريف الشركات في الفقه الإسلامي وأحكامه

تعريف الشركات في الفقه الإسلامي وأحكامه، أحد جوانب الشريعة الإسلامية المتكاملة التي تهدف إلى تكوين مجتمع مثالي مبني على القواعد الإسلامية السليمة في جميع مجالاته، ولما كان السعي لطلب الرزق الحلال هو مقصد كل مسلم.

فسيُنتج ذلك وجود علاقات وتعاملات مالية بينه وبين الآخرين، فوضعت الشريعة الإسلامية بعض القواعد المنظمة للجميع ليتمكنوا من استثمار وتنمية أموالهم تحت إطار شرعي.

تعريف الشركات في الفِـقه الإسلامي

لغةً

  • الشركة، تكون إما بكسر حرف الشين وسكون الراء، أو فتح حرف الشين وسكون الراء أو كسر حرف الراء.
  • هي وجود شيء بَيْنَ اثنين لَا يستطيع واحد منها الأفراد بِهِ.

اصطلاحاً

  • عند الحنفية تُعرف بالتالي: عقدٌ ما بين الأفراد المشاركين في الأصل والربح.
  • وعند الشافعية تُعرف بالتالي: إثبات الحق في شيءٍ لفردين أو أكثر على جهة الشيوع.
  • عند الحنابلة تُعرف بالتالي: المشاركة في تصرف أو استحقاقٍ.
  • أكثرها هذه التعاريف دقةً هو تعريف الحنفية، حيث أنه يوضح حقيقة الشركة بكونها عقدٌ، أما باقي التعاريف الأخرى فتوضح أكثر الهدف من الشركة وأثَراها والنتائج المترتبة عليها.

شاهد أيضًا: اقسام الشريعة الاسلامية

مشروعية الشركات في الفقه الإسلامي

تم إثبات مشروعية الشركات بالقرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وإجماع جمهور الفقهاء كما يأتي:

  • ثبوتها في القرآن الكريم جاء في قوله تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} سورة النساء الآية 12، كما جاء في موضع آخر في قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} سورة ص الآية 24.
  • كما ثبُتت في السنة النبوية: عن حديث سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا المِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ، يَدًا بِيَدٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، فَخُذُوهُ وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ»، وعَنْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا».
  • كما ثبُتت في الإجماع حيث أجمع فقهاء المسلمين على مشروعية الشركة في العموم ولكن اختلفوا في مشروعية أنواع منها.

قد يهمك أيضًا: مقاصد الشريعة الإسلامية

أنواع الشركات في الفقه الإسلامي

تنقسم الشركات في الفقه الإسلامي إلى قسمين، هما: شركة الأملاك، وشركة العقود.

شركة الأملاك

هي عبارة عن امتلاك شخصان أو أكثر عين من غير وجود عقد الشركة، بامتلاكها من خلال الإرث أو الهبة.

تنقسم شركة الأملاك إلى نوعين: نوعٌ يتم إثباته بفعل الشريكين، ونوعٌ يتم إثباته بغير فعلهما، كما في الآتي:

  • شركة الاختيار: وهي النوع الذي ينشأ من ثبوت فعل الشريكين، كأن يقوما بشراء شيء، أو يصل لهما شيء عن طريق الهبة أو التوصية فيَقبلا، فيصير الشيء الذي تم شرائه أو الشيء الموهوب والموصي عامل مشترك بينهما في شركة ملك.
  • شركة الجبر: وهي النوع الذي يثبت لشخصين أو أكثر بغير فعلهما، كأن يرث الشخصين شيئاً، فيكون الموروث عامل مشترك بينهما في شركة ملك.

حكم شركة الأملاك

  •  جميع أنواع شركة الأملاك يعتبر فيها كل فرد من الشريكين أجنبي بالنسبة لنصيب الآخر، فلا يحق له التصرف في نصيبه بدون إذنه، حيث لا توجد ولاية لأحدهما على نصيب الآخر.

شركة العقود

  • هي عبارة عن عقد ما بين المتشاركين سواء كان في الأصل والربح معاً، أو كان في الربح فقط.

تنقسم إلى عدة أنواع منها التالي:

شركة العِنان

  •  أن يقوم فردين بمشاركة ماليهما والعمل فيه بحيث يكون الربح بينهما.
  • أطلق عليها هذا الاسم، حيث يتساوى الشريكان في المال والتصرف، كالفارسَيْن عندما يتساويان في عنَانهما.
  • حكم مشروعية هذه الشركة هو الجواز بالإجماع.
  • أحد أهم الأنواع السائدة بين الناس، حيث لا تشترط وجود مساواة لا في نسبة المال ولا في حق التصرف، كما يجوز لأحد الشريكين أن يكون مسؤولاً والآخر غير مسؤول، كما يجوز أن تكون مساواة في الربح ويوزع الربح على حسب ما اشترطوا عليه.

شركة المضاربة

  •  عقد مشاركة في الربح، حيث يشارك صاحب المال بماله، والمضارب بعملٍه، ويكون توزيع الربح بينهما وفقًا لما اتفقا عليه في العقد، أما الخسارة فتوقع على صاحب المال فقط، ولا يخسر المضارب إلا عمله وجهده فقط.
  • حكم هذه الشركة هي الجواز بالإجماع.

شركة الوجوه

  • هي مشاركة شخصان لهما وجاهةٌ عند الناس ولكن ليس لهما مال، فيَشتركوا على أن يقوموا بالشراء بالنسيئة، ويبيعوا بالنقد، وأن يتم توزيع الربح على ما يتفق عليه من شرط.
  • سميت بهذا الاسم، حيث أنه لا يباع بالنسيئة إلا للوجهاء من الناس عادةً.
  • حكم مشروعية هذه الشركة الجواز عند الحنفية وعند الحنابلة، فقد تعامل بها الناس في كل العصور ولم ينكرها أحدٍ.
  • حكم مشروعية هذه الشركة عند الشافعية والمالكية هي البطلان، حيث يروا لن الشركة تتعلق على وجود المال أو العمل، وفي هذه الحالة لا يوجد الاثنين.

شركة الأبدان أو الأعمال

  • هي عبارة أن يقوم اثنان أو أكثر بالاشتراك فيما تكسبه أيديهم، كالمشاركة في عملٍ مثل الخياطة، فيَشتركا فيه على أن يكون الربح بينهم على شرط ما يحدده بينهم.
  • حكم مشروعية هذه الشركة عند المالكية، والحنفية، وذهب الحنابلة هي الجواز، حيث أن غايتها هو تحصيل الربح، وقد تعامل بها الناس منذ القدم.
  • اشترط مذهب المالكية لجوازها أن يتحد كل من المكان والصَّنْعَتَيْنِ، حتى لا يؤدي اختلافهما إلى حدوث الغرر.
  • حكم مشروعية هذه الشركة عند الشافعية هو البطلان، لعدم توافر المال فيها، ولما قد يحدث بها من الغرر.

قد يهمك: القانون التجاري والشريعة الاسلامية

شركة المفاوَضَة

  • هي قيام فردين أو أكثر بالتعاقد فأكثر على المشاركة في عملٍ ما بشرط أن يكون هناك تساوي في رأس مالهما، وتصرفهما، وحتى دِينهما، وأن يكون كل فرد منهما كفيل للآخر فيما للشراء أو البيعٍ، أي أن كل منهما ملزمٌ للآخر بما ألزم به من حقوق في يختص بما يتَّجران فيه.
    • كذلك فيما يجب على كل فرد منهما تجاه الآخر، أي أنهما مشتركان في الحقوق والواجبات الخاصة بما يتاجران فيه.
  •  حيث يكون الفرد منهما وكيل للآخر فيما يجب منه، وكفيل عنه فيما يجب عليه.
  • حكم مشروعية هذه الشركة عند الحنفية هي الجواز، حيث تشتمل على شيئين جائزين وهما: الكفالة والوكالة، حيث يحوز كل منهما في حالة الإفراد وكذا الاجتماع.
  • حكم مشروعية هذه الشركة عند المالكية، هي الجواز ولكن بغير المعنى المذكور لدى الحنفية وهو انعقاد الشركة بحيث يكون كل شريكٍ حر في التصرف برأس المال بصورة مستقلة، أي بدون الحاجةٍ إلى أخذ أذن شركائه، سواء كانوا حاضرين أم غائبين.
  •  وإلزام كل شريك بجميع ما يعمله شريكه لا يجب إلاّ فيما تم الاتفاق عليه من أموالهم فقط.
    • وليس في كل ما لدى الآخر من أموال لم تدخل للشركة، فبهذا المعنى لا يوجد خلاف فيها بين الفقهاء.
  •  أما حسب معناها عند هذه الحنفية فيكون حكم مشروعيتها عند مذهب الشافعية والحنابلة.
    • لأن الشرع لم يرد بمثل هذا العقد، لما يشتمله من غرر.

تعريف الشركات في الفقه الإسلامي واحكامه، هي عبارة عن بعض الشروط الواجب توافرها لتحقيق مبدأ العدل بين المشاركين وإعطاء كل ذي حق حقه، ومنع حدوث غرر تطبيقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.

مقالات ذات صلة