تفسير: لا إكراه في الدين

تفسير: لا إكراه في الدين، مختلف من مفسر لآخر وقد فسر الآية الكثير من المفسرين أمثال ابن كثير والطبري والشيخ الشعراوي وقد تم نسخ آية لا إكراه في الدين على آيات أخرى وهذا ما سنعرضه في مقالنا هذا وكذلك نعرض سبب نزول الآية.

تفسير: لا إكراه في الدين

بداية يتوجب علينا معرفة الآية كاملة حتى يتسنى لنا التفسير الصحيح لها، فهذه الآية تقع في الجزء الثالث من القرآن وهي الآية ٢٥٦ من سورة البقرة ونصها” لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِنَ الْغَى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.

يختلف تفسير لا إكراه في الدين حسب المفسر فمن هؤلاء المفسرين:

ابن كثير

قال ابن كثير في تفسير الآية لا تجبروا أحد على الإسلام فهو دين واضحة تعاليمه.

وبراهينه فلا يحتاج للإكراه على الدخول فيه.

فمن ينير الله بصيرته ويشرح صدره للإسلام يدخل فيه بإرادته وبمعرفة كافة تعاليمه.

ودلائله ومن يعمي الله بصره ويختم على قلبه فلا جدوى من دخوله الإسلام بالإكراه.

فحينها سيكون نموذج سيء يسيء للإسلام.

شاهد أيضًا: تفسير: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه

الطبري

يقول الطبري اختلف أهل التأويل في معنى لا إكراه في الدين.

فالبعض قال أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار كان له أولاد يدخلهم في المسيحية أو اليهودية.

فلما جاء الإسلام أراد إجبارهم على الدخول في الإسلام.

فجاءت تلك الآية لتنهاهم عن إكراههم الدخول في الدين فيكون لهم حرية اختيار دينهم بأنفسهم.

التفسير الميسر

لا يحتاج الإسلام إلى الإكراه عليه لمن تقبل منهم الجزية ليكتمل وتتضح تعاليمه.

فالبراهين التي تفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال ظاهرة واضحة.

فمن يؤمن بالله فهو على الطريق الصحيح والله يحب عباده ويعلم أفعالهم ونياتهم ويجازيهم بها.

تفسير الجلالين

لا يُجبر على الدخول في الإسلام فالدلائل واضحة بالآيات ويتضح أن الإيمان رشد.

والكفر غي والآية في من كان له أولاد أراد إجبارهم على الدخول في الإسلام.

تفسير السعدي

يقول الله تعالى أنه لا يجب الإكراه على الدخول في الإسلام لعدم الحاجة إلى ذلك.

حيث يكون الإكراه على أمور غير واضحة أو غامضة أو أمر غير محبب للنفس بعكس الدين والإسلام.

فقد كانت تعاليمه واضحة ومعروف فيه الرشد من الغي فمن أراد رضا الله دخل الإسلام.

وعاش بتعاليمه؛ أما من كان فاسدًا ولا يشغله سوى الحياة الدنيا.

ولن يهتم بالحق فهو يعلم الحق والباطل ويُفضل الباطل على الحق.

وهذا لا حاجة لله فيه لأنه لن يعود بفائدة على الإسلام.

ومن يدخل الإسلام مُكرهًا فإيمانه غير صحيح.

ولا تدل الآية على ترك الكفار المقاتلين دون قتال ولكن فيها حقيقة أن الدين مقبول لكل منصف يريد اتباع الحق ولم تتعرض الآية للقتال من عدمه ويُستدل من الآية قبول الجزية من أهل الكتاب.

تفسير البغوي

قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما كان من نساء الأنصار مقلاة أي لا يعيش لها ولد فتنذر أنه إذا عاش لها ولد تُدخله اليهودية.

وحين جاء الإسلام وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإجلاء بني النضير كان بهم عدد من أولاد الأنصار وأراد الأنصار استرداد أولادهم وأصحابهم فنزلت الآية” لا إكراه في الدين”.

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم خيروا أصحابكم إن أختاروكم فهم منكم وإن أختاروهم فأجلوهم معهم.

كان هناك مسترضعين في اليهود من الأوس وحين أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير قال المسترضعين لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلهم فجاءت” لا إكراه في الدين”.

تفسير الوسيط

الإكراه يعني إجبار الغير على شيء لا يريده بالتخويف أو التعذيب أو غير ذلك.

الدين في الآية مقصود به الإسلام ويشير الرشد إلى طريق الحق والهدى.

وبعض العلماء يرى أن الآية فيها خبر في معنى النهي.

ومعناها لا يصح الإجبار في الدين الذي هو تصديق للقلب وإذعان للنفس لأنه مبني على الاختيار واستخدام العقل.

وهو أساس الثواب والعقاب ولولا هذا لما حدث الابتلاء من الله.

اقرأ أيضًا: قواعد دفتر الحضور والانصراف

تفسير القرطبي

يقول القرطبي أن الآية فيها مسألتان الأولى أن المقصود بالدين المِلة ومرتبط بقرينة قد تبين الرشد من الغي ولا يكره في الدين والعقيدة.

المسألة الثانية اختلف العلماء في معنى الآية فقال البعض أن الآية منسوخة على آيات أخرى للقتال ودليلهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكره العرب على الإسلام.

ولم يقبل بغير دين الإسلام، والبعض قال ليست منسوخة وجاءت لأهل الكتاب خاصة.

وفي عدم إجبارهم على الدخول في الإسلام في حال دفعوا الجزية.

قال البعض أن الآية جاءت في السبي فإذا كان العبيد من أهل الكتاب لا يكرهوا على الدخول في الإسلام.

أما إذا كانوا من المجوس أو وثنيين فيُجبروا على الإسلام ليتمكن المالك من الانتفاع بهم فهم لا تؤكل ذبائحهم ويأكلون النجاسات والميتة لذا جاز للمالك أن يجبرهم على الإسلام.

تفسير الشيخ الشعراوي

يوضح الله تعالى أنه لا إكراه أو إجبار في الدين والإكراه هو حمل الغير على ما لا يريد ولكن في بعض الأحيان نرغم من نحب على أشياء تكون لصالحهم.

مثل إرغام المريض على أخذ الدواء ليمتثل للشفاء وهذا لا يعد إكراهًا.

المعنى المراد من الآية أن الله لا يكره عباده وهو خلقهم على دين وكان من الممكن أن يجبر الإنسان المختار.

كما قهر الجماد والنبات والسموات والأرض ولا يستطيع أحد أن يعصي أوامر الله.

ولكن الله تعالى يريد أن يعرف من يدخل الإسلام محبًا مختارًا بإرادته الدين أن المجيء بالإكراه يثبت القدرة لا المحبة والمجيء طوعًا مع قدرته على عدم الذهاب.

هذا يدل على الحب فالله قادر على جعل الناس جميعًا مؤمنين.

ولكن الله ارسل الرسل حتى يختار الإنسان بإرادته عقيدته ودينه.

سبب نزول آية لا إكراه في الدين

يرجع سبب نزول آية لا إكراه في الدين إلى وجود قوم من الأنصار أرادوا إجبار أبنائهم على الإسلام فجاءت الآية لتمنع الإكراه.

قيل أن سبب نزول الآية أن نساء من نساء الأنصار لا يعيش لها ولدا فتنذر لو عاش لها ولد أن تدخله دين اليهودية.

فحين جاء الإسلام وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير قال الأنصار أولادنا يا رسول الله فنزلت الآية لتعطي الأبناء حرية اختيار دينهم سواء مع اليهود أو مع آبائهم.

نسخ آية لا إكراه في الدين

النسخ في القرآن هو إزالة الحكم الشرعي السابق بخطاب وارد متراخي ولولا النسخ لثبت الحكم الأول.

والنسخ على وجوه أحدهما إثبات الخط ونسخ الحكم كنسخ آية عدة الوفاة بالحول.

قيل أن آية لا إكراه في الدين منسوخة على آيات القتال.

ففي بداية الأمر كان يخير أهل الكتاب والمجوس بين دفع الجزية والدخول في الإسلام.

وفي حالة رفض دفع الجزية والدخول في الإسلام قوتلوا.

وقد شرع الله الجهاد لقوله تعالى” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله”.

قال بعض العلماء أن الآية منسوخة بآيات القتال والسيف مثل” فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروا واقعدوا لهم كل مرصد”.

نقل الإمام الشوكاني أن الآية منسوخة لآية” يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين.

واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير” والدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل مشركي مكة.

قال بعض العلماء مثل الشعبي والضحاك أن الآية ليست منسوخة وأنها تخص أهل الكتاب فقط.

شاهد من هنا: تفسير وسبب نزول: لا إكراه في الدين

تفسير: لا اكراه في الدين أتى بصيغة خبرية تخبئ في طياتها الإنشاء فالله عز وجل ينهانا عن إجبار أحد على الدخول في الإسلام.

وهذا دليل يرد على ادعاءات المستشرقين الذين يقولون أن الإسلام انتشر بحد السيف، وقد ارتبطت الآية بآيات أخرى دالة على القتال والجهاد.

مقالات ذات صلة