مظاهر رحمة الله بعباده

مظاهر رحمة الله بعباده، لا تعد ولا تحصى وهي واضحة جلية لكل ذي عقل لبيب، فالله خالق السماوات والأرض، والجنات والنيران، هو أرحم بنا من أمهاتنا، ما أنزل الله – سبحانه وتعالى- عقاب إلا وقد أوضح لنا مسبباته، والطريق السليم للبعد عنه.

كما رغبنا في الطاعات من أجل الفردوس الأعلى، فلك أن تتخيل إنك تثاب على الفرائض والطاعات، رحمة الله وسعت كل شيء من جن وأنس ودواب وكافة المخلوقات على وجه البسيطة.

مظاهر رحمة الله بعباده

من صفات المولى – عز وجل – الرحمة، وقد أطلق على نفسه اسم (الرحمن الرحيم)، كما نبدأ بها كل سورة من سور القرآن الكريم، ترسيخًا لهذا المعنى، فعندما خلق الله الرحمة أنزل منها واحدة فقط في هذه الدنيا وهي التي تحيطنا وترعانا بفضل الله تعالى، وترك 99 منها يوم القيامة، فأي رحمة هذه، وأي عظمة تجلى بها الخالق.

فقد اختص ليوم البعث والحساب تسع وتسعون رحمة حتى يخفف عنا الحساب، فالرحمن الرحيم أرحم بعباده من أمهاتهم وآبائهم، فهو الحافظ في السفر والخطر وعند لقاء العدو وعند المصائب.

من رحمة الله بنا إنه خلقنا مسلمين، وفرض علينا الصلاة وجعل فيها سكينة النفس والطمأنينة، بمجرد ذكر الله يطمئن قلبك، ويهدأ عقلك، أليس هذا أعظم أبواب الرحمة، حين يجعل الله ذكرك له علاج من الهم والغم والحزن والاكتئاب، أي رحمة تلك وأي عظمة هذه!.

كما إنه يثيبك على فعل الطاعات، فنعم الله كثير تستوجب الشكر ومن المفترض عدم انتظار مقابل من الخالق، لكن الله أكرم وأعز وأجل وأرحم، فهو يثيبك على الصلاة المفروضة عليك وكذلك الصيام وغيرها من الطاعات.

حتى الأشياء التي يشعر فيها الإنسان بلذة مثل الجماع إذا كان في الحلال والمباح فإن الله يثيبك على ذلك، كما يثيبك على التبسم في وجه الآخرين، وكلمة الكلمة الطيبة التي يعود أثرها عليك قبل الآخرين، وغيرها من الأمور التي تظهر فيها رحمة الله واضحة جلية.

اقرأ أيضا: آيات قرآنية رسائل من الله

رحمة الله عز وجل

معنى الرحمة في اللغة هو العطف والتسامح والرقة واللطف والمغفرة وغير ذلك من المعاني الجميلة التي تدل على الاحتواء، والله – سبحانه وتعالى – هو الرحمن الرحيم.

فوسعت رحمة الله تعالى كل شيء، وفي أي وقت وأي مكان وأي زمان ولأي مخلوق، فما من شخص يطلب ويرجو رحمة الله ويخذله الله تعالى حاشاه.

وشعور الإنسان بلطف الله وعنايته ورحمته به في أصعب الأمور وأيسرها هو رحمة بحد ذاتها، حينما تشعر أن الحزن يجتاح قلبك والهم يأكل صدرك، وتشعر بنسمات رقيقة تهدئ من روعك وتشعر أن لطف الله وعنايته يحيطان بك، هذه أيضًا من مظاهر رحمة الله بعباده.

فطلب الرحمة والمغفرة لا تحتاج وسيط بين العبد وربه، فاطلبها من الله وقتما تشاء، وأقبل عليه بقلب خالصًا من الذنوب والآثام، فتوب إليه توبة نصوح، وثق بأن رحمته جل في علاه وسعت كل شيء.

مظاهر رحمة الله تعالى في الكون

مظاهر رحمة الله تعالى بعباده تتجلى واضحة في هذا الكون، ومن أبرزها ما يلي:

  • التعريف بالله وإرسال الأنبياء والرسل لدعوة الناس إلى الحق، هذه من صور رحمة الله تعالى بعباده، وقد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، (سورة الأنبياء، الآية 107).
  • رفع السماوات بلا عمد وإمساكها عن الوقوع على الأرض، وفي ذلك أعظم صور رحمة الله بعباده، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، (سورة الحج، الآية 65).
  • إنزال الماء والأمطار من السماء على الأرض ليحي بها كل دابة، وهو ماء صافي وغير ملوث ونقي، يستسقي به الناس والحيوانات والأرض والزرع، وكافة المخلوقات الحية على وجه البسيطة.
  • التدبير والإرادة لله وحده، فالحمد لله الذي لم يجعل له شريك في الملك ولا ندًا ولا ولدًا، ولم يجعل مقادير الأمور بأيدي بشر، فرزقنا وحياتنا وكل ما تؤول إليه أمورنا بيد الله وحده، فقد قال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، (سورة فاطر، الآية رقم 2).
  • الدعاء وهو صلة العبد بربه بدون وسيط، ومن رحمات الله على عباده، تخصيص وقت من الليل يتنزل فيه ليستمع إلى نجواهم ودعائهم ويلبي طلباتهم ويستجيب لها، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
    • (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له)، (متفق عليه).
  • نزول القرآن الكريم وجعله شفاء لكل داء، وسبب لغياب الهم، والتعريف بالأمم السابقة، وسبب في السكينة والهدوء والطمأنينة، ونيل رضا ورحمة الله تعالى عن العمل به.
  • ومن مظاهر رحمة الله بعباده الحفاظ على وقتهم منتظم حتى لا يحدث لهم اضطرابات أو هزات عصبية، فقد قسم الله وقتنا إلى الليل والنهار، فالليل للثبات والراحة والنهار للمعاش وطلب الرزق، قال تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)، (سورة التكوير، الآية رقم 17).

كما يمكنكم التعرف على: بقلوب راضية بقضاء الله وقدره

علامات رحمة الله بالعباد

لا تقتصر رحمة الله على المظاهر الكونية فقط، وإنما تتجلى واضحة في العبد ذاته، ومن ضمنها ما يلي:

  • إرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وشفيع لهم يوم العرض، لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، (سورة الأنبياء، الآية رقم 107).
  • إرسال جميع الرسل والأنبياء، وقد قال تعالى: (هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، (سورة الأعراف، الآية رقم 203).
  • وضع الشريعة التي يحتكم إليها العباد في كل أمورهم الدينية والدنيوية لإرشادهم إلى الطريق السليم والهداية والبعد عن الضلال والضرر، فقد قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، (سورة النور، الآية رقم 56).
  • استغفار الملائكة للبشر وصلواتهم عليهم، وشفاعتهم لهم عند الله.
  • الرزق سواء كان مالًا أو ذرية صالحة.
  • من مظاهر رحمة الله تعالى إن الذي يتوفى له طفل صغير يجعله الله شفيعًا لأبويه يوم القيامة.
  • الثواب والأجر العظيم عند صبر الإنسان على مصائب الدهر، فقد قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، (سورة البقرة، الآية رقم 118).
  • الثواب العظيم على كل أذى يصيب الإنسان ويتحملها، فهي تحط عنه خطيئة.
  • وضع الرحمة في قلوب الناس فيما بينهم.
  • تسخير الأرض بكل ما فيها لخدمة الإنسان، لقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)، (سورة لقمان، الآية رقم 20).
  • التجاوز عن الذلات والسيئات وغفرانها.
  • الدموع من أفضل نعم الله التي تدل على الخشوع والخوف من الله.
  • النسيان من أهم النعم علينا.
  • إثابة العبد على الصبر على الطاعات والأعمال الصالحة.

كما يمكنكم الاطلاع على: أحاديث قدسية عن رحمة الله

تعرفنا على مظاهر رحمة الله بعباده وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، منها الواضح الجلي، ومنها لطف الله الخفي الذي يحيط بعباده ويحفظهم من نوائب الدهر وتقلبات القدر، فرحمة الله وسعت كل شيء، وهو سبحانه أرحم بنا من أمهاتنا، فيجب على كل مسلم طاعة الله وطلب المغفرة والرحمة منه سبحانه وتعالى.

مقالات ذات صلة