خطبة عن حفظ اللسان

إن الله خلقنا وأنعم علينا بالكثير من النعم والحواس، فيجب علينا أن نحمد الله على هذه النعم ونحفظ حواسنا من الوقوع في المعاصي ولا نستخدمها إلا في الطاعة، ومن أكثر الحواس عرضة للوقوع في الخطأ اللسان، لذلك سوف نعرض عبر موقع مقال maqall.net في هذا المقال خطبة عن حفظ اللسان.

مقدمة الخطبة

  • اللسان من أعظم الجوارح أثرا وأكثرها خطرا، فإن قام الإنسان باستعماله فيما يرضي الخالق ويقدم النفع للخلق كان من أكبر أسباب السعادة والتوفيق لصاحبه في الدنيا والآخرة.
  • أما إن قام الإنسان باستعمال لسانه فيما يغضب الله ويضر بالعباد يتسبب لصحابه بالوقوع في أكبر الأوزار وأعظم الأضرار.

اقرأ أيضا: تعريف حفظ اللسان

الوصية بتقوى الله

“الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن الوصية بتقوى الله هي من أعظم الوصايا التي يُوصي بها الناس بعضهم بعضًا، وتُعتبر هذه الوصية من أساسيات الإيمان والتقوى، وهي دعوة للإقبال على طاعة الله واجتناب معاصيه.

تقوى الله هي الخشية من عقاب الله والتحلي بالخوف منه، مع المحافظة على أوامره واجتناب نواهيه، سواء في الظاهر أو في الباطن، في العلن وفي السرّ. إنها تشمل القلب واللسان والأفعال، وتظهر في سلوك المؤمن تجاه الله وتجاه الخلق.

في القرآن الكريم، وردت هذه الوصية في عدة مواضع، كما قال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، وفي سورة البقرة: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

فهذه الوصية تحث على الورع والتقوى في السرّ والعلن، وتدل على أن تقوى الله هي المعيار الأسمى في تحكيم الأمور واتخاذ القرارات في الحياة. إنها تساعد على الابتعاد عن المحرمات والتزام الحلال، وتعين على الاقتداء بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

لذا، فلنكن واعين بأن تقوى الله هي المفتاح للسعادة في الدنيا والآخرة، ولنسعى جميعًا لترسيخ هذه الوصية في حياتنا، بتذكير أنفسنا وبعضنا البعض بها في كل وقت وحين، ولنسعى لتطبيقها في كل جانب من جوانب حياتنا.

الخطبة الأولى عن حفظ اللسان

  • إن الإسلام هو الدين الكامل في أحكامه الذي تشمل تشريعاته كل شيء وقد قام بهدايتنا إلى أرقى الأخلاق، كما قام بإرشادنا إلى أكمل الآداب.
  • بالإضافة إلى نهيه عن الأفعال السيئة والأقوال المستقبحة.
  • كما قام الإسلام بالتوجيه إلى الفضائل والآداب والعناية بأدب الحديث وحسن المنطق وحفظ اللسان عن اللغو وفضول الكلام.
  • حيث أن الله تعالى كرم بني آدم وميزهم بنعمة العقل والبيان، فحق هذه النعمة أن نقوم بشكر الله عليها ولا نشرك به شيئا.
  • لذلك قام الإسلام بالعناية بأمر اللسان أشد عناية، فنجد العديد من النصوص في القرآن والسنة تقوم بالدعوة إلى حفظ اللسان وصيانة المنطق.
    • قال جل وعلا: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [الإسراء: 53].
  • بالإضافة إلى أن الله عز وجل قام بوصف ذوي الإيمان وأرباب التقى بالإعراض عن اللغو، ومجانبة الباطل قولا أو فعلا.
    • فقال جل وعلا: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 1 – 3].
  • كما أمرنا بأن نتقيه حق التقوى، حيث أنها جماع الخيرات وسبيل السعادة والنجاة، فبها تكون النفوس طاهرة وتكون الألسن مستقيمة والقلوب صالحة.
    • فقد قال تعالى في ذلك: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].
  • فإذا حفظ الإنسان لسانه عن الآثام والحرام يكون ذلك عنوانا على استقامة دينه وكمال إيمانه.
  • كما ورد في الحديث عند الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتى يستقيمَ لسانُه)).
  • بالإضافة إلى أن جوارح الإنسان كلها ترتبط* باللسان استقامة وانحرافا، فقد روى الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاءَ كلَّها تكفِّر اللسان؛ تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك؛ فإن استقمت استقمنا؛ وإن أعوججت إعوججنا)).
  • وقد قال الإمام النووي رحمه الله في تفسير هذا الحديث أن المقصود بقوله: ((تكفر اللسان)) هو الذل والخضوع له.
  • كما أن المرء إن قام بحفظ لسانه وقلل من كلامه فهذا يعد عنوان أدبه وزكاء نفسه ورجحان عقله.
  • كما قيل في مأثور الحكم: (إذا تم العقلُ نقص الكلام).
  • كما ورد في كلام بعض الحكماء: (كلام المرء بيان فضله، وترجمان عقله، فاقصره على الجميل، واقتصر منه على القليل).
  • بالإضافة إلى إن المسلم الواعي يقوده عقله ويدفعه إيمانه إلى أن يعتني بحسن اللفظ وجميل المنطق حين يرى أن المقام يستدعي الكلام.
  • أما إن كان المقام لا يستدعي الكلام فمن الأفضل إيثار الصمت ولزوم الكف طلبا للسلامة من الإثم.
  • وذلك للعمل بتوجيه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في قوله: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)) أخرجاه في الصحيحين.
  • فإن القول الطيب شيء مطلوب وجميل ومحبب لدى كل أحد من الناس، سواء في ذلك الأصدقاء أو غيرهم حتى مع الأعداء.
  • حيث أنه مع الأصدقاء يكون سببا في دوام الألفة والمودة، أما مع الأعداء مما يكون سببا في ذهاب الحصد والكره من الصدور وينهي الخصومات.
  • كما ورد في قوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 34، 35].
  • فيا إخوة الإسلام، إن اللسان له آفات عظيمة، وإن لكثرة الكلام وفضول الكلام مساوئ كثيرة.
  • فقد ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: (من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلَّ حياؤه، ومن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعه مات قلبه).
  • كما ورد في كلام بعض السلف: (أطول الناس شقاءً وأعظمهم بلاءً من ابتُلي بلسانٍ مُنطلِق وفؤاد منطبق).
  • لذلك فإن الحزم والرشاد يهدي إلى أن نتجنب فضول الكلام ونحفظ ألسنتنا عن كل ما لا ينفع ولا يفيد في أمر دين أو دنيا.
  • حيث أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم قام بتوصية أمته وحثها على ذلك، فقد روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((كُفَّ عليك هذا))، وقام صلى الله عليه وسلم بالإشارة إلى لسانه، فقال معاذ: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال صلى الله عليه وسلم: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم؟!)).
  • كما ورد عن الترمذي وغيره عن سفيان الثقفي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ قال: فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه، ثم قال: ((هذا)).
  • لذلك نجد أن سلف هذه الأمة وخيارها كانوا دائما يخشون من خطر اللسان، ويحذرون منه غاية الحذر.
  • فنجد أن أبا بكر رضي الله عنه كان يقوم بإخراج لسانه ويقول: (هذا الذي أوردني شر الموارد).
  • كما أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (والله الذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان).
  • بالإضافة إلى قول عطاء بن أبي رباح رحمه الله: (ألا يستحي أحدكم إذا نُشرت صحيفتُه التي أملاها صدْرَ نهاره أن يكون أكثرَ ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه).
  • فاللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأفعال يا رب العالمين. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

كما أدعوك للتعرف على: دعاء حفظ اللسان من الغيبة والنميمة

الخطبة الثانية عن حفظ اللسان

  • إن من يقوم بإطلاق العنان للسانه فينطق بكل شيء يخطر بباله فإن لسانه سوف يوقعه بموارد العطب والهلاك.
  • كما يقوم بإيقاعه أيضا في كبائر الإثم وعظيم الموبقات من غيبة ونميمة وكذب وافتراء وفحش وبذاء وتطاول على عباد الله.
  • بل وربما يجعل البعض يتحدث عن الأعراض بكلمات تنضح بالسوء والفحشاء وألفاظ تنهش نهشا فيكون مسرفا في التجني على عباد الله بالسخرية والاستهزاء.
  • كما يقوده إلى الفحش والازدراء وتعداد المعايب والكشف عن المثالب وتلفيق التهم والأكاذيب وإشاعة الأباطيل.
  • حيث لا يقوم بحجزه عن ذلك دين ولا مروءة ولا حياء، كأنه لم يسمع قول الله تعالى: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾ [آل عمران: 181].
  • بالإضافة إلى قوله عز وجل: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].
  • كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء)) رواه الترمذي وحسنه.
  • بالإضافة إلى رواية البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم)).
  • أوصيكم ونفيسي عباد الله أن تتقوا الله ولتحفظوا ألسنتكم وسائر جوارحكم وتبتعدوا عن كل ما حرم الله تعالى عليكم، فتذكروا باستمرار قوله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].

كما يمكنكم الاطلاع على: كيف تحفظ لسانك

دعاء نهاية الخطبة

الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتجاوز عن سيئاتنا، ووفقنا لما تحب وترضى، اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الذين تقول لهم الملائكة في الدنيا وفي الآخرة: “سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار”، اللهم آمين.

أسئلة شائعة حول خطبة حفظ اللسان

لماذا يُحثُّنا الإسلام على حفظ اللسان؟

يُحثُّنا الإسلام على حفظ اللسان لأن اللسان قد يكون سببًا في الوقوع في الذنوب والمعاصي، وقد يؤدي إلى إيذاء الآخرين بالكلمات، ويعتبر اللسان من أعظم الأعضاء التي ينبغي علينا الحرص على استعمالها بالطريقة الصحيحة.

كيف يمكننا حفظ اللسان في المواقف الصعبة؟

يمكننا حفظ اللسان في المواقف الصعبة عن طريق تذكير أنفسنا بأهمية التحكم في الكلمات التي ننطقها، والتفكير في تبعاتها قبل قولها، كما يمكن أيضًا مراجعة الأذكار والأدعية التي تساعد على السيطرة على اللسان في اللحظات الصعبة.

ماذا يقول الإسلام عن الكذب والغيبة؟

ينهى الإسلام بشدة عن الكذب والغيبة، ويعتبرهما من الذنوب الكبيرة، ويُحث على تجنبهما بكل الوسائل الممكنة، فالكذب والغيبة يؤثران سلبًا على العلاقات الإنسانية ويُسيئان إلى السمعة والشخصية.

كيف يمكن أن يساعد حفظ اللسان في تحسين العلاقات الاجتماعية؟

حفظ اللسان يساعد في تحسين العلاقات الاجتماعية من خلال تجنب الكلمات الجارحة والمؤذية، وبالتالي تقليل النزاعات والخلافات بين الأفراد، كما يساعد في بناء جو من التفاهم والاحترام المتبادل بين الناس.

ما هي الأدعية التي تساعد على حفظ اللسان؟

من الأدعية التي تساعد على حفظ اللسان: (اللهم اجعل لساني عامرًا بذكرك وقلبي بخشيتك)، و (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، و (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي).

كيف يمكن أن يؤثر حفظ اللسان على الفرد والمجتمع بشكل عام؟

يؤثر حفظ اللسان على الفرد والمجتمع بشكل إيجابي من خلال تقوية العلاقات الاجتماعية، وتقليل النزاعات والخلافات، وبناء بيئة إيجابية تسودها الود والتعاون، وتحسين الأخلاق والسلوكيات في المجتمع بشكل عام.

مقالات ذات صلة