السورة التي بها سجدتان

السورة التي بها سجدتان، نزل القرآن الكريم على سيد الخلق أجمعين، رسالة لجميع الخلائق من إنسٍ وجانٍ، فهو طريق الحق وسبيل السكينة والهداية.

وكل سورة لها معانٍ تخصها، وهنا سأتحدث عن السورة التي بها سجدتان وهي سورة الحج.

ما هما آيتا السجود في سورة الحج؟

وآيتا السجدة هما:

  • الآية 18

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء}.

  • الآية 77

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

شاهد أيضًا: ما هي السورة التي تزيل الهم والضيق؟

ماذا عن سورة الحج؟

سورة الحج سورة مدنية، والأصح أنها سورة (مختلطة)، فهي تشمل آيات مكية وأخرى مدنية.

وهذا التحديد نقلًا عن الآلوسي، ويبلغ عدد آياتها ⁷⁸، ويكون ترتيبها ²² في ترتيب سور المصحف الشريف.

وسبب تسميتها هو بالنسبة لركن الإسلام الخامس وهو الحج.

وكذلك سميت بالحج لتبقى دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام خالدة، حيث قام ببناء الكعبة الشريفة.

وعند انتهائه منها نادى لكي يحج الناس بالبيت العتيق، ووصل صدى صوته إلى كافة أنحاء الأرض.

فاستجاب لندائه الكثير إلى أن أصبح الحج موسمًا والكعبة تزار بالآلاف من كل عام.

ما هي المواضيع التي تتضمنها سورة الحج؟

تتضمن سورة الحج الكثير من المواضيع المهمة، ومنها:

  • البعث والنشور ويوم القيامة.
  • أمور تخص العبودية.
  • آيات تتحدث عن الجهاد.
  • آيات كشف العلم الحديث الإعجاز الذي فيها.

لما تم تخصيص سجدتين في سورة الحج؟

السورة التي بها سجدتان تعظم من فضل السجود فهو  من العبادات العظيمة.

وهو من أشد الأمور التي حث عليها الشرع لما يتضمنه من خشوع وتقرب من الله جل وعلا.

فقد قال صلى الله عليه وسلم (أقرب العبد إلى ربه وهو ساجد).

ولأهمية السجود العظيمة في الشرع فقد وردت سجدتان في سورة الحج لتعظيم أهميتها، وأهمية ما تحمله آياتها.

أحاديث وردت في فضل سورة الحج

روى النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي تبين أهمية سورة الحج، ومنها:

  • ذكر ابن حجر (رحمه الله تعالى) في كتاب “بلوغ المرام” : عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال: (فضلت سورة الحج بسجدتين) رواه أبو داود في المراسيل.
  • وقد اختلف العلماء في قول هل لسورة في القرآن فضل على سورة أخرى؟ فمنهم من قال جائز.
    • ومنهم من قال لا فضل لسورة على أخرى لأنه كله كلام الله عز وجل.
    • إنما تختص سورة على أخرى بأمور معينة، هذا وقد اختُلِف في السجدة الثانية.
    • فمثلًا الإمام أبو حنيفة لا يراها سجدة إلا إذا قرأت في الصلاة.
    • ولا يراها سجدة إذا قرئت خارج الصلاة.
  • روى أحمد والترمذي عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فمن لم يسجدهما فلا يقرأها)، وفي سنده ضعف.
  • أي إذا لم يرد أن يسجد السجدتين فلا يقرأ سورة الحج.
    • وقد ورد الحديث برواية أخرى (فلا يقرأهما).
    • أي لا يقرأ بآيات السجدة إلا إذا نوى أن يسجدهما.

أحكام تتعلق بتلاوة آيات السجود في الصلاة

فهل يحق للإمام أن يتلو آيات السجدة في الصلاة السرية أو الجهرية؟

وهنا قولٌ للإمام مالك بهذا الخصوص:

  • إذا كانت الصلاة سرية، وقرأ الإمام آيات السجود ثم أتبعها بسجدة، فقد يستغرب الناس لماذا سجد، وهل يسجدون معه أم لا.
  • وإذا كانت الصلاة جهرية، فلعل البعض يسمعها والبعض الآخر لا، مما يخلق اضطراب بالصلاة.
  • إذا تلا الإمام آيات السجود، ولكنه لم يشأ أن يسجد، لأن هذا يحل له
    • ولكن بعض المأمومين يعلمون أنه موضع سجدة فيسجدون فرادى.
    • فتبطل صلاته لمخالفة الإمام.
  • ويحدد الإمام مالك أيضًا، أنه إذا كان بنية الإمام تلاوة آيات فيها سجدة.
    • فعليه أن يتلو ويسجد، لا أن يتلو ولا يسجد.
    • تجنبًا لحدوث اضطراب في الصلاة، بين ساجدٍ ومعرض.

تفسير بعض آيات السورة التي بها سجدتان

سأورد تفسيرًا لأهم الآيات الواردة في سورة الحج، لا تفسيرها كلها، لأن الأمر يفوق كلمات مبحثنا هذا: ومن أشهر الآيات فيها:

  • الآية الأولى والثانية ).
  • {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}

أي أمر يفوق التخيل، فجبال تتزلزل وتهد، وسماءٌ تنشق وملائكة تهبط، وكواكب تنتثر، وشمس تكور، وغيرها من مهول الأحداث.

  • {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}.

مع أن الأم بالفطرة لا تتخلى عن مولودها، ولكن الأمر أجلّ.

  • {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا}.

من شدة الأهوال أمامها، لا يكتمل حملها.

  • {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}.

أي من يراهم يحسبهم أنهم شربوا الخمر، وهم لم يتناولوه.

  • {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}.

عذاب الله ورؤية جهنم رأي العين، والعذاب الذي قد أُخبِروا عنه في الدنيا، هو من أزاح عقولهم وجعلهم يتخبطون من هول الأحداث.

  • الآيتنان الخامسة والسابعة ⁵_⁷).
  • {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} أي إن كنتم تشكون ببعث الخلائق يوم القيامة، مع أن الحق أن يصدق أن كلام الله هو الحق ويزيل الشكوك عن ذهنه.
  • {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ}.

وهو الخلق الأول المتعلق بسيدنا آدم عليه السلام.

  • {ثمَّ مِنْ نطْفَةٍ}.

أي السائل المنوي للرجل، وما يسمى بالمني.

اقرأ أيضًا: سورة تبعد الحسد والعين

آيات أخرى تم تفسيرها

  • {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ}.

أي يتم تحويل النطفة إلى دم ينغرز بالرحم.

  • {ثمَّ مِنْ مضْغَةٍ مخَلَّقَةٍ وَغَيرِ مخَلَّقةٍ}.

ثم تتطور قطعة الدم هذه لتكون بحجم مضغة الطعام، فمنها المخلقة أي التي تكون بصورة الإنسان، أو غير المخلقة، وهي التي يتم طرحها ولا يكتمل الحمل عندها.

  • {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ}.

وفيها تبيان لمراحل الحمل ومراحل التخليق، مع أن الله سبحانه وتعالى قادر على القيام بالخلق دفعة واحدة.

  • {وَنقِرّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مسَمًّى}.

فيبقى الجنين ومقره الرحم إلى أجل محدود، وبعدها تكون الولادة بأمر وتوقيت من الله عز وجل.

  • {ثمَّ نخْرِجكمْ طِفْلًا ثمَّ لِتَبْلغوا أَشدَّكمْ وَمِنْكمْ مَنْ يتَوَفَّى وَمِنْكمْ مَنْ يرَدّ إِلَى أَرْذَلِ الْعمرِ}.

ثم ينمو هذا الوليد ليكون طفلًا، ثم يبلغ مرحلة القوة لديه، ولكن هناك من يموت قبل بلوغه سن البلوغ والقوة.

وهناك من يكبر عمره حتى يصل إلى مرحلة المشيب وضعف القوة، وهذه المرحلة أسماها الله عز وجل.

تفسير آيتا السجدة في السورة التي بها سجدتان

سأتناول تفسير لآيتي السجدة اللتان وردتا في سورة الحج:

  • تفسير الآية 18
  • (ألم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ).

وفيها تبيان بأن جميع الخلائق تسجد لله سبحانه وتعالى طائعة، ومن هذه الكائنات الكواكب والأجرام من شمس وقمر ونجوم وجبال وشجر وحيوانات.

  • (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ).

ويسجد لله جل جلاله كثير من عباد الله المخلصين الطائعين العابدين له بحق عبوديته، وبنفس الوقت يوجد الكثير ممكن يجحد وينكر وجود الله ويرتكب المعاصي فيحق عليه عذاب عظيم.

  • (وَمَنْ يهِنِ اللَّه فَمَا لَه مِنْ مكْرِمٍ).

أي من أراد الله إهانته فلن يستطيع أحد في العالم كله أن يمنحه الكرامة.

  • (إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).

إن الله عز وجل لا يسأل عما يفعل، فهو يفعل ما يشاء وقتما يشاء ولا يحق لأحد أن يسأله عن سبب أي شيء.

  • تفسير الآية ⁷⁷

{يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا ارْكَعوا وَاسْجدوا وَاعْبدوا رَبَّكمْ وَافْعَلوا الْخَيْرَ لَعَلَّكمْ تفْلِحونَ ۩}.

فيها حث للمسلمين ومن آمن بوجود الله عز وجل، أن يعبد الله حق عبادته ويتقرب إليه بالنوافل والسجود، وأن يكثر من الأعمال التي تقربه من خالقه، كأي عمل خير.

شاهد من هنا: قضاء الحاجة بسرعة رهيبة بسورة الفيل

السورة التي بها سجدتان منذ أعظم السور في القرآن الكريم وفيها معاني تخص المسلم فعليه الإلمام بها.

مقالات ذات صلة