الوصايا العشر في الاسلام

ذكر الله سبحانه وتعالى آيات من القرآن الكريم، سماها بعض العلماء الوصايا العشر في الإسلام، وأطلقوا عليها ذلك لأنها تشتمل على 10 وصايا من الله العظيم إلى البشرية.

واشتملت الوصايا على ما يجب علي تجنبه من الرذائل، والمحرمات، والفضائل التي ينبغي اتباعها، أي وصايا تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.

السورة التي تحمل آيات الوصايا العشر

ذكر الله سبحانه وتعالى آيات الوصايا العشر في سورة الأنعام، وهي سورة ملكية، وذلك في قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

وذكر الله سبحانه وتعالى في آخر الآيات قوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ(، وهو ما يعني أنها وصية من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين.

ويوحي بالأهمية العظيمة لتلك الوصايا، ومدى أهميتها، وما تشتمله من خير في الدنيا والآخرة.

شاهد من هنا: خطبة عن الاستغفار

سبب تسمية الوصايا العشر بهذا الاسم

تم تسمية الوصايا العشر بهذا الاسم، لأن الله سبحانه وتعالى أنهى الآيات الكريمة بقوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ).

فهي وصايا ترشد عباد الله المؤمنين إلى الحق والصواب.

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أبشر أصحابه بأنه من امتثل هذه الوصايا سينال أجرًا عظيمًا، ومن تركها، فكأنه تمرد على الله حاشا لله.

الوصايا العشر في الإسلام

الوصايا الواردة في القرآن الكريم تنقسم إلى مجموعة من الأوامر.

من يتبعها فقد نال سعادة الدنيا والآخرة، وهذه الوصايا كالآتي:

أولًا: عدم الشرك بالله عز وجل

حيث أوصانا الله سبحانه وتعالى بعبادته، وحذرنا من إشراك أحد معه في عبادته.

فكل شيء هو من خلق الله وحده عز وجل، والشرك به من الكبائر، وذكر الله ذلك في قوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا).

ثانيًا: الإحسان بالوالدين

فالإحسان والبر بالوالدين هو من أفضل الأعمال عند الله.

وعقوق الوالدين من الكبائر التي حذرنا الله منها، وأكد على أنها مقترنة بعبادة الله.

مثلما أكد في قوله تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا).

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سئل أي العمل أفضل؟

فقال: “الصلاة على ميقاتها”، ثم “بر الوالدين”، ثم “الجهاد في سبيل الله”.

ولذا يجب على المسلم أن يبر والديه، لأهمية ذلك الأمر عند الله عز وجل.

ثالثًا: تحريم القتل

فقد حرم الله سبحانه وتعالى قتل الأطفال للتخوف من الفقر، وكذلك حذر من وأد البنات، فالرزق كله بيد الله، وبأمره وحده.

وأوضح الله ذلك في قوله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا).

رابعًا: حرم الله الفواحش

أمرنا الله سبحانه وتعالى بعدم ارتكاب الفواحش، أو الإقدام على فعلها.

والفواحش هي جميع الأفعال الرذيلة قولًا، وفعلًا، وتفسد المجتمع وأمنه.

ولذلك حرم الله سبحانه وتعالى ما ظهر منها وما بطن.

مثل قصف المحصنات، والزنا، وغيرهم من الكبائر.

والفواحش الظاهرة هي التي يجهر بها أمام الناس، أما الفواحش الباطنة هي الأفعال التي تحدث في الخفاء، ويوجد تفسيرات أخرى تشير إلى أن الفواحش الباطنة تكون مثل الحسد، أو الكبر، والسرقة، والزنا.

لأنها تحدث في الخفاء، وذكر الله سبحانه وتعالى تحريم الفواحش في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

اقرأ أيضًا: كيفية الاستغفار من مشاهدة الأفلام الإباحية

خامسًا: تحريم قتل النفس بغير الحق

فقد حرم الله سبحانه وتعالى قتل النفس بغير وجه حق، لأي نفس بشرية بشكل عام.

سواء كانت نفس مسلمة أو غير ذلك، لأنه يعد اعتداء على الإنسانية.

وعلى خلق الله سبحانه وتعالى، فقد روي عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما).

سادسًا: تحريم أخذ مال اليتيم

حيث أمرنا الله عز وجل بالحفاظ على مال اليتيم، والتحذير من أخذه أو صرف شيئًا منه.

والحفاظ عليه حتى يتسلمه اليتيم عندما يبلغ أشده.

وأنه يمكن الأخذ من مال اليتيم لجلب النفع له.

وتحسين الوضع المعيشي لليتيم، أو تزويده به للتعليم، ويحق لكفيله أخذ قدر منه إذا كان فقيرًا.

ولكن ما يكفيه فقط ولا يطغى على حق اليتيم، وقد حرم الله أكل مال اليتيم.

وذكر ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).

سابعًا: الوفاء بالكيل

يحثنا الله عز وجل على الميزان بالقسطاس المستقيم، واتباع العدل، والعدل في المكيال.

والحرص على إعطاء الحقوق في عمليات البيع والشراء.

وعدم الزيادة أو النقصان للمكيال، وذلك في قوله تعالى: (وَأَوفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وسْعَهَا).

ثامنًا: الوفاء بالميزان

أوصانا الله بذلك، وأوضحه في قوله تعالى: (وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفونَ وَإِذَا كَالوهمْ أَوْ وَزَنوهمْ يخْسِرون أَلَا يَظنّ أولَٰئِكَ أَنَّهمْ مَبْعوثونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).

تاسعًا: العدل في القول والحكم

فقد أوصى الله تعالى عباده بتحري الأحكام، والشهادة، والحكم بالعدل، لأنه أساس صلاح المجتمعات.

فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).

عاشرًا: الوفاء بالعهد

فقد أمرنا الله عز وجل بالوفاء بالعهد، وذلك بتطبيق ما أمره الله، واجتناب نواهيه.

والالتزام بأحكام وتعاليم الدين الإسلامي.

وذلك وفقًا لقول الله تعالى: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضواْ ٱلْأَيْمَٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).

ما هي أهمية الوصايا العشر؟

الوصايا العشر في الإسلام تحمل أهمية كبرى، ولها مكانة كبيرة في الدين الإسلامي، حيث تهدف إلى إقامة مجتمع إسلامي متزن، وأهميتها تكمن في الآتي:

  • رعاية حياة الفرد، وإصلاحه، وبالتالي ينعكس على المجتمع بالخير.
  • نيل رضا الله عز وجل والفوز بالجنة.
  • ضبط النفس، والابتعاد عن الفتن ومقاومتها، واتباع الصراط المستقيم.
  • بناء مجتمع إسلامي متكامل قائم على العدل، وحماية الضعيف، وحفظ الحقوق، والنفس، والأموال، وإحقاق الحق.

شاهد أيضا: دعاء الاستغفار والتوبة

وقد وصانا الله سبحانه الوصايا العشر في الاسلام حتى نسلك الطريق المستقيم، ولا نسلك سبل الضلال، وحتى نتقرب من الله عز وجل.

ونتبع أوامره، ليقينا من العذاب، ويحفظ حقوقنا، وتنفيذ القواعد الدنيوية، والدينية، والاجتماعية، التي إذا اتبعها الإنسان سعد بحياته، وأسعد الآخرين.

مقالات ذات صلة